لماذا يا أبي؟؟
كان
ماجد شاباً لم يتجاوز السابعة عشر من عمره ، والده كان من أكبر التجار في
المدينة التي يعيشون فيها ، تعرَّف ماجد على إمام المسجد المجاور لهم ،
تعلم منه ماجد حُبَّ الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، بدأ نور الإيمان
يشع من وجهه ، ابتسامة جميلة تعلو شفتيه دائماً ، كان ماجد يعامل والديه
بحب وتفاني .
بعد فترة بدأ والد ماجد يلاحظ تغير ماجد ؛ فهو لم يعد
يسمع صوت الموسيقى الصاخب الذي كان يخرج من غرفة ابنه ، أصبح ماجد كثير
الهدوء ، دائم الذكر ، كثير القراءة للقرآن ، ولكن أباه لم تعجبه حال ماجد .
وبعد أيام أخذ الأب يضايق ابنه ماجد فيقول له : ما هذه السخافات التي
تفعلها ؟ لماذا تقرأ القرآن ؟ هل هذا وقت صلاة ؟ هل مات أحد ؟ عندما كان
ماجد يستيقظ لصلاة الفجر يقوم بإيقاظ والده ، ويكاد الأب يفقد صوابه !! إنه
لم يصلي ركعةً واحدة منذ أن تزوج ، والآن يأتيه هذا الإبن ليطرق عليه
الباب في الليل ليصلي فيبصق في وجه ماجد ،،
في أحد الأيام ذهب
والد ماجد إلى إمام المسجد وقال له : لماذا أفسدتم عليَّ ولدي ؟ ابتسم إمام
المسجد وقال : نحن لم نفسد ولدك ؛ بل أرشدناه إلى طريق الخير وإلى سبيل
النجاة ، فابنك الآن يحفظ ستة أجزاء من القرآن ، وهو حريص على الصلاة .
فقال الأب : أيها الحقير لو رأيت ابني معكم مرة أخرى أو يذهب إلى حلقاتكم
أو دروسكم لأحطمنَّ مفاصلكم ثم بصق في وجه ذلك الإمام ، فقال له الإمام :
جزاك الله خيراً ، وهداك ربي ..
اقترح والد ماجد على ابن أخيه (
فهو شاب اشتهر بفساده وفسقه ) أن يأخذ ولده إلى إحدى الدول التي اشتهرت
بالفساد والمُجُون حتى يُبعده عن الإستقامة وعن أهل الصلاح وعن إمام المسجد
..
قال ابن العم لماجد : ما رأيك أن نذهب إلى إسبانيا ؛ فهناك الآثار
الإسلامية والعمرانية المشهورة ، وكان ماجد في بداية الإستقامة فذهب معه
إلى إسبانيا ..
كان والد ماجد قد تكفَّل بالإقامة والتذكرة ،
سافر ماجد مع ابن عمه وأقاما بفندق بجوار المراقص والملاهي الليلية ، كان
ابن العم يخرج إلى تلك المراقص وماجد لا يخرج معه بل يبقى في الغرفة ، ومع
مرور الأيام أصبح ماجد يخرج مع ابن عمه إلى تلك المراقص ، شيئاً فشيئاً
أصبح ماجد يتابع العروض المسرحية والرقصات مع ابن عمه ..
بعد
أيام ترك ماجد الصلاة التي كان يصليها في الفندق ، والأذكار التي كان
يرددها في الصباح والمساء ، عرض ابن العم على ماجد في أحد الأيام سيجارة
محشوة بنوع من المخدرات فأخذها ماجد وسقط في بئر الظلمات .
أصبح ماجد
لا يُبالي ( سوادٌ حول العينين ، سهر ومسكرات ، زناً وراقصات ، وتضييع
للصلوات )، كان ماجد بين كل فترة وفترة يتصل بأباه ليرسل له مبلغا من المال
، فكاد الأب يطير من شدة الفرح ، تطور الأمر فماجد أصبح يستعمل الهيروين .
انتهت مدة الفيزا وابن العم يحاول اقناع ماجد في العودة إلى الوطن ،
ويصرخ ماجد ويقول : أنا لا وطن لي ولا والد لي ولا أسرة لي ؛ أنا وطني
ووالدي وأسرتي ربع جرام من المسحوق الأبيض .
عاد ماجد مع ابن عمه
وكان في استقبالهما والد ماجد ، فرأى والد ماجد أنَّ ابنه قد تغيَّر تماما
، اقترب ماجد من والده وصفعه على وجهه !!
عاد الأب مع ابنه وحاول أن
يعالجه ولكن لا فائدة ، ضرب ماجد والده أكثر من مرة ، سرق الكثير من ذهب
والدته ، وأصبح يهدد والده بالسكاكين لكي يحصل على المال .
في
يوم من الأيام ذهب الأب إلى إمام المسجد وقال له : سامحني أنا بصقتُ في
وجهك أنا أسأت إليك أنا عاملتك بغير أدب ، ولكن الآن أصبح ماجد أسيراً
للمخدرات ، أرجوكم أرجعوه كما كان ، أرجعوه للصلاة ، أرجعوه لي جميلاً
طاهراً ، ابتسم الإمام وقال : يا أبا ماجد ادعُ الله بصدق , فهو الذي بيده
الهداية وحده .
بعد أسبوعين تقريباً من هذا اللقاء كانت جنازة
والد ماجد وأمه يُصلَّى عليها في ذلك المسجد فقد قتلهما ماجد خنقاً لأنهما
لا يملكان أموالاً للمخدرات .
"" ومن خلف القضبان كانت دموع ماجد تجري غزيرة :
لماذا يا أبي ؟! ألم يأمرك الإسلام بالرفق بأبناءك ؟!!